وفي لفظ لمسلم: سَمِعْتُ خَلِيلِي صلى الله
عليه وسلم يَقُولُ: «تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ، حَيْثُ يَبْلُغُ
الْوَضُوءُ»([1]).
ثم يبقى البحث: هل
الوضوء من خصائص هذه الأمة أو أنه مشروع للأمم السابقة؟ على قولين: القول الأول:
أنه من خصائص هذه الأمة؛ لأنه جعله ميزة لها يوم القيامة، والقول الثاني: أن
الوضوء عام لجميع الأنبياء وجميع المسلمين في كل عصر، ولكن الخاص بهذه الأمة هو
الغرة والتحجيل فقط، وأما الوضوء، فهو مشروع لجميع المسلمين في كل وقت.
أبو هريرة رضي الله عنه يقول: «سَمِعْتُ خَلِيلِي»، والخليل مأخوذ من الخلة، وهي المحبة، مأخوذ من الخلة، وهي أعلى درجات المحبة؛ لأن المحبة لها درجات عشر، أعلاها الخلة، والله جل وعلا اتخذ إبراهيم خليلاً، واتخذ محمدًا صلى الله عليه وسلم خليلاً، فلم يحصل على هذه المرتبة من محبة الله إلاَّ إبراهيم ومحمد - عليهما الصلاة والسلام -، وأما بقية الأنبياء والمرسلين والمؤمنين، فإن الله يحبهم؛ ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222]، ويحب المحسنين، لكن لم يبلغوا في المحبة إلى درجة الخلة، إنما حصل عليها هذان الخليلان إبراهيم ومحمد - عليهما الصلاة والسلام -؛ ﴿وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبۡرَٰهِيمَ خَلِيلٗا﴾ [النساء: 125]؛ أي: محبوبًا له تعالى، بلغ أعلى درجات المحبة.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (250).