فإذا فسدت هذه
التربة، تغيرت الفطرة إنما هو بسبب دعاة السوء ودعاة الضلالة من شياطين الإنس
والجن، ومن الأبوين الفاسدين، فالمراد بقوله: «مِنَ الْفِطْرَةِ»؛ يعني: من
السنة التي فطر الله الناس عليها.
قوله: «الْفِطْرَةُ
خَمْسٌ» ظاهره أن الفطرة محصورة في هذه الخمس، ولكن الأمر ليس كذلك، فهناك
خصال من الفطرة لم تذكر في هذا الحديث، فليس المراد الحصر، وأنما المراد أن هذه
الخمس هي أهم خصال الفطرة، فالحصر هنا إضافي، وليس حقيقيا؛ كما لو قلت: العالم
زيد. ليس معني هذا أنه ليس هناك علماء، لكن هو أكثر العلماء تحصيلا، وقوله: «الْفِطْرَةُ
خَمْسٌ»؛ أي: أهم خصال الفطرة خمس، وفي حديث آخر: «خَمْسٌ مِنَ
الْفِطْرَةِ»، فدل على أن هذه الخمس ليست هي كل الفطرة، وإنما هي بعضها
وأهمها، ومعني الفطرة: السنة، فهذه الخمس أو هذه الخصال من سنن الأنبياء -عليهم
الصلاة والسلام-:
الأولي: «الْخِتَانُ»، والختان هو: إزالة القلفة من الذكر، التي تغطي الحشفة، أي: قطعها حتى تبرز الحشفة من الذكر، وفي ذلك مصلحة؛ لأن هذه القلفة لو بقيت، لتراكمت عليها النجاسات والأوساخ، فإذا أزيلت، زال أثرها، هذا من الطهارة، إزالة القلفة هذا من كمال الطهارة؛ لأنها لو بقيت، لتنجس ما تحتها، ولا يمكن إزالة هذه النجاسة، فيصلي الإنسان في نجاسة، ومن الناحية الصحية أيضًا يجب إزالتها؛ لأنها لو بقيت، لحصل تحتها من الأوساخ ما يسبب شيئا من الأمراض، ما يسمونها الآن بالجراثيم، والأشياء التي تتلبد تحتها، فإذا أزيلت، زال هذا المحظور، والختان من سنة الأنبياء، وأول من اختتن