عن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طَرِيقِ المَدِينَةِ وَهُوَ
جُنُبٌ، قَالَ: فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ، فَذَهَبْتُ فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ،
فَقَالَ: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ» قَالَ: كُنْتُ جُنُبًا، فَكَرِهْتُ
أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ،
إِنَّ المُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ»([1]).
هذا الحديث عن أبي
هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طرقات المدينة
فانخنس عنه؛ يعني: تأخر عنه أبو هريرة، النبي صلى الله عليه وسلم سأله عن سبب
تأخره عن مصاحبته، مع أنه رضي الله عنه كان حريصًا على ملازمة النبي صلى الله عليه
وسلم، فقال: «كُنْتُ جُنُبًا»؛ يعني: سبب تأخري عنك أنني كنت على جنابة،
فكره أن يصاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو على هذه الحال؛ تعظيما للرسول صلى
الله عليه وسلم، وتأدبا معه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سُبْحَانَ اللَّهِ!»،
هذا من باب التعجب، «سُبْحَانَ اللَّهِ!» معناها: تنزيه الله جل وعلا عن
العيوب والنقائص، كان صلى الله عليه وسلم إذا تعجب من شيء، سبح أو كبر، وإذا كره
شيئا - أيضا - كبر أو سبح، هذه عادته صلى الله عليه وسلم، فهو تعجب من فعل أبي
هريرة، وقال: «إِنَّ المُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ»، وفي رواية: «المُسْلِمَ»([2]).
هذا فيه دليل على أن الجنابة لا تكون مانعة للإنسان من أن يجالس أهل العلم، وأن يعمل أعماله المعتادة من الأخذ والإعطاء، والأكل والشرب وغير ذلك، لا تمنعه جنابة من ذلك، إنما الجنابة تمنعه من الصلاة؛ لأنها حد أكبر، وتمنع من تلاوة القرآن؛ يعني: تمنع من بعض
([1]) أخرجه: البخاري رقم (285)، ومسلم رقم (371).