×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

العبادات، وأما التصرفات - طلب العلم، والسؤال، ومجالسة أهل العلم -، فإنها لا تمنع منها الجنابة، وكذلك الجنابة تمنع من اللبث في المسجد، وأما حضور الدروس في غير المسجد والتصرفات العادية، لا تمنع منها الجنابة، والتعليل أن المؤمن أو المسلم لا ينجس، المؤمن طاهر، بل الآدمي طاهر، الآدمي - حتى ولو كان كافرًا - طاهر في بدنه، فعرقه وريقه هذا طاهر؛ لأن بدنه طاهر، هذا الآدمي مسلما أو كافرًا، ولكن المسلم أولي، والمؤمن أولى بهذا الوصف، وأما قوله - تعالي -: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ [التوبة: 28]، المراد النجاسة المعنوية، وهي نجاسة الشرك، لا النجاسة الحسية، فهذا فيه دليل على أن جسم الإنسان ليس بنجس، وأن ما انفصل منه من عرق أو ريق أو شعر، أنه طاهر؛ لأنه منفصل عن شيء طاهر، وكذلك ما تبقي منه من الطعام والشراب، وهو ما يسمي بالسؤر، هذا أيضا طاهر، فيؤخذ من هذا الحديث مسائل:

المسالة الأولي: فيه احترام أهل العلم والتأدب معهم؛ فإن أبا هريرة رضي الله عنه وقر الرسول صلى الله عليه وسلم، وتأخر عنه بسبب أنه كان جنبا، وإن كان هذا لا يمنع، ولكن يؤخذ منه الأصل، وهو توقير أهل العلم واحترامهم.

المسالة الثانية: ويؤخذ منه سؤال المعلم للطالب إذا رأي منه شيئا يستغربه، فإنه يسأله عن هذا الشيء الذي حصل منه، ثم يجيبه بعد ذلك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم استفصل من أبي هريرة سبب تأخره عن ملازمته، فلما أخبره بالسبب، بين له صلى الله عليه وسلم أن هذا لا يمنع، وأن الجنابة لا تمنع من التصرفات المعتادة.


الشرح