داخل المدينة، والمنافقون
بين صفوف المسلمين يتكلمون بالكلام القبيح؛ كعادة المنافقين في كل حادث يحدث
بالمسلمين، فإنها تظهر ألسنة المنافقين؛ كما في وقتنا هذا الآن لما حصلت هذه
الحادثة المروعة، تكلم المنافقون، فصاروا يسبون أهل الإسلام، ويضيفون إلى ما حدث
أن سببه المسلمون، وسببه أهل الدين، وسببه تدريس العلوم الشرعية، وغير ذلك من
أقوالهم القبيحة، هذه سنتهم دائمًا؛ أنهم عند الأحداث الخطرة يظهر ما في قلوبهم من
الغل والحقد على المسلمين، وليس هذا بغريب من المنافقين في كل زمان ومكان، ولكن
الله جل وعلا يكبتهم، ويرد كيدهم في نحورهم دائمًا وأبدًا، فلما حصل على المسلمين
هذا الضيق وهذا الانشغال بالقتال، فإنه قد حضرت صلاة العصر، وهم في شدة قتال وشدة
مدافعة، لم يتمكن المسلمون من الصلاة، ومنهم عمر؛ كما في هذا الحديث أنه وما كاد
يصلي حتى غربت الشمس، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له: وأنا أيضًا لم أصلها. كما
سبق في الأحاديث التي مرت في أول الباب، ولماذا لم يصلوها صلاة الخوف؟ قالوا: لأن
صلاة الخوف لم تشرع إلاَّ بعدها في غزوة ذات الرقاع: ﴿وَإِذَا
كُنتَ فِيهِمۡ فَأَقَمۡتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلۡتَقُمۡ طَآئِفَةٞ مِّنۡهُم
مَّعَكَ﴾ [النساء: 102]، إلى آخر الآية، هذه غزوة
ذات الرقاع قبل نجد، فصلاة الخوف متأخر نزولها، فلذلك لم يصلوا صلاة الخوف.
وهذا الحديث فيه: أنه يجوز سب الكفار؛ لأن عمر سبهم، أي: كفار قريش الذين شغلوا المسلمين عن صلاة العصر، والنبي صلى الله عليه وسلم دعا