×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

ثانيًا: أن صلاة الجماعة فيها حرز من الشيطان، فإن الشيطان يفترس المخالف لجماعة الخير كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الإِْنْسَانِ كَذِئْبِ الْغَنَمِ يَأْخُذُ الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ، وَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ»([1])، ولذلك شرع الله لنا الاجتماع لأداء الصلاة؛ لأن الشيطان لا يتسلط على الجماعة، ولا يتسلط على المسلم وهو في جماعة، وإنما يتسلط عليه إذا انفرد وصار وحده، وصلى وحده؛ مثل الشاة إذا انفردت عن الرعية وعن الراعي، فإنها يتسلط عليها الذئاب، فالمسلم إذا حضر لصلاة الجماعة، ابتعد عنه الشيطان، وكلما كثرت الجماعة، كان أبعد للشيطان.

ومن فوائد صلاة الجماعة: التعارف بين المسلمين والتراحم، وتفقد بعضهم لبعض، فإذا التقوا في بيت من بيوت الله، سلم بعضهم على بعض، ورأى بعضهم بعضًا، وحصل بينهم التعارف، وحصل بينهم الألفة، وإذا غاب أحد منهم، فقدوه، وسألوا عنه، فإن كان كسلان، نصحوه ووعظوه، وأخذوا على يده، وألزموه بصلاة الجماعة؛ رحمة به، وإحسانًا إليه، من أن يتسلط عليه الشيطان، وتفوته هذه الفضائل.

وكذلك في صلاة الجماعة من الفوائد: تعلم العلم؛ فإن الجماعة يلتقون، وفيهم العلماء، وفيهم طلبة العلم، وفيهم أهل العبادة والتقوى، فيتعلم بعضهم من بعض، ويقتدي بعضهم ببعض، وإذا جهل إنسان من أمور صلاته شيئًا، فإنه يعرفه من صلاته مع الجماعة، ويتعلم كيف


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (22107).