فالأذان فيه حكم
عظيمة، ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وصار الناس يجتمعون لأداء
الصلوات، بحثوا في علامةٍ يعرفون بها دخول الوقت، لذا بحثوا ماذا يصنعون لإخبار
الناس بدخول الوقت ودعوتهم إلى الصلاة؟
فبعضهم قال: توقد
نار على مرتفع، فإذا رآها الناس، علموا أنه دخل وقت الصلاة، فيحضرون.
وقال بعضهم: نستعمل
البوق الذي كان يستعمله اليهود، للإعلام بعبادتهم فإنهم يستعملون البوق، يصوتون
به.
وقال بعضهم: نستعمل
الناقوس الذي يستعمله النصارى في الكنائس للإعلام بدخول صلواتهم.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل هذه الأمور كلها، فبينما عبد الله بن زيد رضي الله عنه كان نائمًا، فجاءه رجل في الرؤيا، ومعه بوق، فقال له: أتبيع عليَّ هذا البوق؟ قال: وماذا تريد به؟ قال: نريد أن ندعو الناس به إلى الصلاة، قال: أولا أدلك على خيرٍ من هذا؟ قال: بلى، فذكر له الأذان، جاء بألفاظ الأذان، فلما أصبح جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بهذه الرؤيا، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ»، فأمر بلالاً أن ينادي بها؛ لأن بلالاً رضي الله عنه كان ندي الصوت، فأمر عبد الله بن زيد أن يلقيها على بلال بن رباح؛ ليؤذن بها، فنادى بها بلال، فلما سمعه عمر، جاء مسرعًا، قال: «وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا رَأَى»([1])، هذه بداية الأذان.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (449)، والترمذي رقم (189)، وابن ماجه رقم (706).