×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلاَةِ سَكَتَ هُنَيْهَةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي وَأُمِّي، أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ: «أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَْبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ»([1]).

 

هذا الحديث فيه حرص الصحابة رضي الله عنهم على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإن أبا هريرة لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يسكت بعد تكبيرة الإحرام وقبل قراءة الفاتحة، سأله عما يقول في هذه السكتة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ليس معنى سكوته أنه لا يتكلم، فإن الصلاة ليس فيها سكوت ولن فيها ذكر لله عز وجل، فلابد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذكرًا في هذه الفترة، لكنه لما كان صلى الله عليه وسلم لا يجهر بها، فإن أبا هريرة سأله عما يقوله سرًا فيها، فهذا فيه حرص الصحابة على الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، وأنهم يسألونه حتى عما يقول في سكوته -يعني: في عدم جهره- من حرصهم على أن يقتدوا به، وقوله: «هُنَيْهَةً»، هذا تصغير أي: زمنًا يسيرًا، أي: يسكت زمنًا يسيرًا، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يقول: «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَْبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ»، هذا ما يسمى بدعاء الاستفتاح، وهو ما يكون بين تكبيرة الإحرام وبين قراءة الفاتحة، وهو مستحب، ليس بواجب، وإنما هو من الأقوال المستحبة في


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (744)، ومسلم رقم (598).