والنبي صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد، فهذا
فيه مشروعية الجلوس في المساجد لذكر الله عز وجل، وطلب العلم والتعليم، وكان
أصحابه حوله جالسين، يتلقون منه العلم، فدخل هذا الرجل، فصلى، ثم جاء وسلم على
النبي صلى الله عليه وسلم، دخل الرجل وصلى، هذا فيه دليل على أن من دخل المسجد وهو
يريد الجلوس، أنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا
دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»
([1])؛ تحية المسجد، «فَسَلَّمَ
عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم »، هذا فيه مشروعية السلام على الجالسين
وعلى الماشين، إفشاء السلام هذا من أعظم شعائر الإسلام، وهو يزيل البغضاء من النفوس،
ويزيل الأحقاد، وله آثار طيبة، قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلاَ
أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلاَمَ
بَيْنَكُمْ»([2])، فالسلام كلمة
طيبة، تورث المحبة بين الناس، وتنزع البغضاء؛ لأنك إذا سلمت على أخيك، فإنه يطمئن
إليك، ويفرح بك، ويحبك، بخلاف ما إذا لم تسلم عليه، فإنه يكون في نفسه شيء، ففي
السلام فائدة عظيمة.
سلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ»، هذا فيه إنكار المنكر أن من رأى منكرًا، فإنه لا يسكت، بل يأمر بإزالته، وفيه تعليم العلم، تعليم الجاهل، فإذا رأيت على إنسان
([1]) أخرجه: البخاري رقم (444)، ومسلم رقم (714).