عن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى
شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ
يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ
شَيْطَانٌ»([1]).
هذا فيه دليل على
ثلاث مسائل:
المسالة الأولى: مشروعية اتخاذ
السترة بين يدي المصلي، وقد جاء أن مقدارها قدر مؤخرة الرحل، تكون مرتفعة قدر
مؤخرة الرحل، فإذا اتخذ سترة، فإنه لا يجوز المرور بينه وبين سترته، فإن فعل أحد
ذلك - أراد أن يمر بينه وبين سترته -، فإن المصلي يمنعه، ولا يجوز له أن يتركه
يمر، فإن أبى المار، فإن المصلى يدفعه بالضرب، المقاتلة معناها الضرب، فليقاتله؛
يعني: فليضربه، وليس المراد بالمقاتلة القتل بالسلاح، وإنما المراد بها المضاربة: ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيۡنِ يَقۡتَتِلَانِ﴾ [القصص: 15]؛ يعني: يتضاربان،
وقوله: «فَلْيُقَاتِلْهُ»؛ يعني: فليضربه، «فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ»،
هذا أن الشيطان يكون من الإنس؛ كما يكون من الجن، فهذا الذي تمرد وأبى أن يمتنع،
وأصر على فعل الحرام، هذا متمرد، والمتمرد شيطان، والشيطان هو المتمرد العاتي،
سواء كان من الجن أو من الإنس، «فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» فهذا يدل على
ما ذكرنا وفيه:
أولاً: أنه يشرع اتخاذ
السترة للمصلي، وأن يكون قريبًا منها.
ثانيًا: أنه يحرم المرور
بين المصلي وبين سترته.
ثالثًا: أنه يشرع للمصلي أن يمنعه ولو بضربه؛ لأنه معتد، وفاعل لمحرم، فيستحق العقوبة.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (76)، ومسلم رقم (504)