عن عبد الله بن عباس رضي الله
عنهما قال: «أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ
نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ، «وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ
بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، مَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ،
فَنَزَلْتُ فَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ فَلَمْ
يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ»([1]).
رابعًا: يدل الحديث بمفهومه
على أنه إذا لم يكن أمام المصلي سترة، فإنه لا يمنع المار؛ لأنه هو المفرط، أي:
إذا لم يكن اتخذ سترة، فإنه لا يمنع المار؛ لأنه هو المفرط؛ لكونه لم يجعل أمامه
سترة، أو يصلي إلى سترة. ولكن المرور بين يدي المصلي إذا كان لضرورة؛ لا يوجد
طريق، والمكان مزدحم؛ مثل: في المسجد الحرام، والمرور لضرورة، ولا بأس بذلك
للضرورة، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد الحرام، والناس يطوفون حول
الكعبة بين يديه، ولم يتخذ ستره صلى الله عليه وسلم.
فهذا يدل على أن
المرور لأجل الضرورة وضيق المكان وكثرة الناس، أنه لا بأس به.
هذا عبد الله بن
عباس رضي الله عنهما يقول: «أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ»،
الأتان الأنثى، ولفظ الحمار يطلق على الذكر وعلى الأنثى.
«وَأَنَا يَوْمَئِذٍ
قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ»؛ يعني: قاربت البلوغ.
«مَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، فَنَزَلْتُ فَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ»، فمر بين يدي طرف الصف، ثم إنه أرسل الأتان ترعى، ثم دخل في الصلاة مع المصلين، ولم ينكر عليه أحد، وما أنكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أنكر عليه أحد من الصحابة، فهذا دليل على أن سترة الإمام سترة للمأموم.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (382)، ومسلم رقم (512).