ذكر له النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس، فقال: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لاَ، إلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ»([1])، فدل على ظنه أنه لا يجب إلاَّ الصلوات الخمس، وأما تحية المسجد، فهي سنة، وليست واجبة بدليل حديث الأعرابي، ودل الحديث على أنه يصلي تحية المسجد في أي وقت دخل، حتى ولو في أوقات النهي؛ لأن تحية المسجد من ذوات الأسباب، سببها دخول المسجد للجلوس، تصلى إذا وجد السبب، هذا رأي جماعة من العلماء، عمموا، فقالوا: تحية المسجد ذات سبب، فتشرع في أي وقت دخل فيه المسجد، والفريق الثاني من العلماء قالوا: الحديث هذا مخصص لأوقات النهي، النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في أوقات معينة، نهى عن الصلاة من بعد صلاة الفجر إلى ارتفاع الشمس، ونهى عن الصلاة عند قيام الشمس في وسط السماء إلى أن تزول، ونهى عن الصلاة من بعد صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس، فيكون حديث النهي عن الصلاة في هذه الأوقات مخصصًا لهذا الحديث، «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ»؛ يعني: إذا دخله في غير هذه الأوقات، فإنه يصلي تحية المسجد، هذا هو الخلاف في هذه المسألة: هل تصلى تحية المسجد في كل وقت حتى في أوقات النهي؛ لأنها مربوطة بالدخول والجلوس، أو لا تصلى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في هذه الأوقات، الخلاف قوي بين العلماء في هذه المسألة، وشيخ الإسلام ابن تيمية رجح أن ذوات الأسباب تفعل، ولو في أوقات النهي؛
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1200)، ومسلم رقم (539).