الثانية: «أَعُوذُ بِالله
مِنْ عَذَابِ القَبْرِ»، هذا فيه إثبات عذاب القبر، فإن الإنسان إذا وُضع في
قبره، فإن كان من أهل الإيمان، فإنه يفسح له في قبره مد بصره، ويفتح له باب إلى
الجنة، ويؤتى بفراش من الجنة، وينور له في قبره، ويصبح في روضة من رياض الجنة، أما
إن كان من أهل الشقاوة، فإنه يضيق عليه قبره، حتى تختلف أضلاعه، ويفتح له باب إلى
النار، فيأتيه من حرها وسمومها - والعياذ بالله -، ويكون في حفرة من حفر النار.
وعذاب القبر متواتر في الأحاديث، بل هو في القرآن: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ [السجدة: 21]، قالوا: العذاب الأدنى هو عذاب القبر، وقال تعالى لآل فرعون: ﴿ٱلنَّارُ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا غُدُوّٗا وَعَشِيّٗاۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ﴾ [غافر: 46]، يعرضون عليها غدوًا وعشيًا متى؟ في القبر، هذا في القبر، دائمًا في الصباح والمساء يعرضون على النار، هذا في القبر، في البرزخ، فعذاب القبر ثابت، وعليه أهل السنة والجماعة، ولا ينكره إلاَّ المبتدعة، والمعتزلة الذين يحكمون عقولهم، يقولون: لو حفرنا القبر، ما رأينا فيه جنة، ولا رأينا فيه نار، وجدناه ترابًا، فنقول: أمور الآخرة ليست تقاس بأمور الدنيا، أنتم في الدنيا، وهم في الآخرة، أنتم في دار، وهم في دار، وأمور الآخرة من أمور الغيب، التي لا يعلمها إلاَّ الله، فقد يكون في روضة من رياض الجنة، وأنتم لا تشعرون، وقد يكون في حفرة من حفر النار، وأنتم لا تشعرون بذلك؛ لأن الله غيب