×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ فِي السَّفَرِ بَيْنَ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ وَيَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ»([1]).

 

هذا الحديث من أدلة الجمع في السفر؛ قول ابن عباس رضي الله عنهما: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ» يدل على الاستمرار والمداومة منه صلى الله عليه وسلم، أنه يجمع بين الظهر والعصر، ويجمع بين المغرب والعشاء.

«إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ»؛ يعني: إذا جد به السير وهو في الطريق، فإذا دخل وقت الأولى وهو في الطريق، فإنه يؤخر الأولى، ويصليها مع الثانية إذا نزل؛ لأن هذا أيسر له، وإذا دخل وقت الأولى قبل أن يرحل، فإنه يصلي الأولى، ويقدم الثانية، ويصليها معها، ثم يركب، جمع تقديم، فالجمع في السفر إنما يكون في حالة السير، أما في حالة النزول، فإنه يصلي كل صلاة في وقتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان في منى وفي الأبطح قبل الحج، كان يصلي كل صلاة في وقتها قصرًا بلا جمع، فالنازل يقصر، لكنه لا يجمع، أما الذي يسير في الطريق، فإنه يجوز له الأمران القصر والجمع، ويكون ذلك على حسب الأرفق به من جمع تقديم أو تأخير.

«فِي السَّفَرِ»، أما في حالة الحضر، فلا يجوز الجمع إلاَّ في حالتين، حالة المرض، وحالة المطر.

«إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ»، أما إذا كان نازلا في أثناء السفر، فإنه لا يجمع؛ لأنه لا داعي للجمع.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1107)، ومسلم رقم (705).