وأما كون عثمان رضي
الله عنه أتم في منى، فله تأويل، وله أسباب ذكروها، لكن هو لا يمانع في قصر الصلاة
في السفر.
بقيت مسألة، وهي أن
المسافر إذا قصر، لا يصلي الراتبة، ولما سئل ابن عمر رضي الله عنهما عن ذلك، قال: «لَوْ
كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ صَلاَتِي»([1])، كنت مسبحًا يعني:
مصليًا للراتبة؛ لأن الراتبة تسمى سبحة، «لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا»؛ أي:
مصليًا للراتبة «لَأَتْمَمْتُ صَلاَتِي»، فالمسافر إذا قصر الصلاة، لا يأتي
بالراتبة، إلاَّ الفجر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدع راتبة الفجر لا
حضرًا ولا سفرًا، وأما راتبة الظهر والمغرب والعشاء، فالمسافر الذي يقصر الصلاة لا
يصليها، وأما النفل في الليل والتهجد في الليل وصلاة الضحى غير الراتبة من
النوافل، لا بأس بالمسافر أن يصليها، المسافر يتنفل، يصلي الضحى، يصلي بالليل،
يصلي راتبة الوضوء إذا توضأ، وهكذا، إنما لا يصلي الراتبة؛ لئلا يظن أنه لم يقصر،
وإنما يتم الصلاة، فلو أنه إذا سلم قام، وأتى بالراتبة، ظن الناس أنه لم يقصر
الصلاة، وأيضًا الله يخفف عنك الفريضة، ويجعلها ركعتين، وأنت تأتي بزيادة، ولا
تقبل من الله الرخصة، هذا وجه كون الراتبة لا تصلى مع القصر.
*****
([1]) أخرجه: مسلم رقم (689).
الصفحة 3 / 670