باب في الصلاة على الغائب وعلى القبر
ختم المؤلف رحمه
الله كغيره من المؤلفين كتاب الصلاة بباب الجنائز؛ لأن الجنازة يصلى عليها،
والمراد بهذا الباب: أحكام الميت؛ من تغسيله، وتكفينه، والصلاة عليه، وحمله،
ودفنه، وزيارته، زيارة قبره، والدعاء له، وهذا من محاسن الإسلام، ومن كرامة المسلم
على الله سبحانه وتعالى، فإن المسلم إذا مات، يعتنى به هذه العناية الفائقة، فيغسل،
ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن في مقابر المسلمين، فهذا مما يدل على كرامة المسلم عند
الله سبحانه وتعالى، وأن المسلمين يتولونه، وأما الكافر، فيتولاه الكفار، فيدفن في
مقابر الكفار، ولا يتولاه المسلمون، ولا يدفن في مقابر المسلمين، وإذا لم يوجد من
يدفنه من الكفار، فإنه يوارى في التراب، ولا يترك على وجه الأرض، وهذا من نعم الله
على الآدمي أن جيفته لا تترك مثل جيف الدواب، تلقى للسباع وللكلاب، وإنما تدفن،
قال الله جل وعلا: ﴿وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ
وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا﴾ [الإسراء: 70]، قال سبحانه وتعالى في تعداد
نعمه على هذا الآدمي: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُۥ
فَأَقۡبَرَهُۥ ٢١ ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُۥ﴾ [عبس: 21- 22]، فامتن عليه بأنه
إذا أماته، فإنه أمر بقبره، ودفنه؛ تكرمة له، ولا يكون كغيره من الجيف، ويستحب
للمسلم أن يتذكر الموت دائمًا وأبدًا، حتى ولو كان في عنفوان الصحة والشباب،
فيتذكر الموت، ولا يستبعده في أي لحظة، ويكون على استعداد، ولا يغفل عن الموت، قال
الله جل وعلا: ﴿كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ﴾ [العنكبوت: 57]، والنبي صلى الله
عليه وسلم قال: «أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ