×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

- يَعْنِي الْمَوْتَ- فَمَا كَانَ فِي كَثِيرٍ إلاَّ قَلَّلَهُ، وَلاَ فِي قَلِيلٍ إلاَّ كَثَّرَهُ»([1])، ففي تذكر الموت قصر للأمل، واستعداد للموت، وقناعة بالرزق، وإقبال على العمل الصالح والكف عن المحرمات والمعاصي، والإقبال على الطاعات والحسنات والتوبة والاستغفار، هذا يحصل فيه تذكر الموت، أما إذا غفل الإنسان عن الموت، ونسيه، فإنه يتمادى في الغفلة، ويتمادى في المعاصي، والكسل، وترك الطاعات، والتهاون بالعبادات، ويكون عنده أمل طويل وغرور في هذه الدنيا، فيجب أن يتذكر المسلم الموت، ويعتبر بالأموات الذين يراهم صباحًا ومساء، يعتبر أنه سيكون في يوم من الأيام - قد يكون قريبًا - يكون مثلهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِذَا مَاتَ الإِْنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»([2])، فالعمل ينقطع بالموت، ويختم على ما كان من خير أو شر، والتوبة تنتهي عند حضور الموت، حتى ولو كان الإنسان فيه حياة، فيه إدراك، إذا حضره الموت، فإنه لا تقبل توبته، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ»([3])؛ أي: تبلغ روحه الغرغرة، والحلقوم حينئذ لا يقبل منه التوبة، فيتذكر الإنسان هذا، ويبادر بالتوبة قال تعالى:


الشرح

([1])  أخرجه: البيهقي في الشعب رقم (10074).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (1631).

([3]  أخرجه: الترمذي رقم (3537)، وابن ماجه رقم (4253)، وأحمد رقم (6160).