﴿إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٖ﴾ [النساء: 17]، وما يؤجلون التوبة ويؤخرونها؛ لأنهم لا يدرون مدة إقامتهم في هذه الدنيا، فيبادرون بالتوبة، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ﴾؛ بغلبة نفس وهوى وعدم صبر، هذه جهالة، وليست الجهالة عدم العلم، لا، الجهالة أن الإنسان يطغى في هذه الدنيا، ويطلق لنفسه العنان، هذه الجهالة، قال تعالى: ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٖ﴾ [النساء: 17]، ولم يقل: ﴿يَتُوبُونَ﴾ فقط، بل قال: ﴿يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٖ﴾ [النساء: 17]، قريب من الذنب، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ﴾ [آل عمران: 135]؛ مبادرة، ثم قال جل وعلا: ﴿وَلَيۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّئَِّاتِ حَتَّىٰٓ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّي تُبۡتُ ٱلۡـَٰٔنَ﴾ [النساء: 18]، هذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ»، فعلى المسلم أن يتوب إلى الله، وأن يتخلص من المظالم، ويؤدي الحقوق إلى أهلها، ولا يبقى في غفلته وظلمه وعدوانه، بل يحاسب نفسه، ثم يستعد للموت، يخلص حسابه في هذه الدنيا - كما يقولون -، يصفي حسابه في هذه الدنيا، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ»([1])، فتذكر الموت. كذلك على المسلم أن يوصي بما له وما عليه، وما له من الحقوق على الناس، وما عليه من الحقوق للناس، ومن الديون وما عنده من
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2738)، ومسلم رقم (1627).