×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنَّهَا تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْه، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ»([1]).

 

هذا فيه دليل على الإسراع بتجهيز الميت، والذهاب به إلى قبره، وأنه لا تحبس جنازته؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن حبس الجنازة بين ظهراني أهله، وإذا حمل إلى المقبرة، فلا يتكاسل في المشي، بل يكون المشي مسرعًا، لكنه إسراع من غير عنف، إسراع لا يضر الميت، ولا يضر المشيعين، إسراع دون الركض والعدو؛ لأن هذا يشق على المشيعين، ويضر الجنازة أيضًا بكونها تتأثر بالحركة السريعة، فيكون سرعة مناسبة، ثم علل صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: «فَإِنَّهَا تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْه»، ولا تحبسونها عن الخير.

«وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ»؛ يعني: غير صالحة، «فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ»؛ تتخلصون منه؛ لأن الجنازة الشريرة يتأثر منها المشيعون والحملة، فيسلمون منها، فهذا فيه الحث على السرعة بالجنازة والتجهيز والسير بها، إلاَّ إذا دعت الحاجة إلى تأخيرها، تأخير تجهيزها، كأن يتثبت من موتها، إذا مات فجأة، يتثبت من موته، هل هو ميت أو مغشي عليه، فلا يسرع في تجهيزه، حتى يثبت موته، وكذلك إذا كان موته مشتبهًا: هل هو مات موتًا عاديًا، أو هو مقتول، فيتثبت جنائيًا من نوع الوفاة، يؤخر من أجل ذلك، من أجل ضبط الجرائم، أو أخر


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1315)، ومسلم رقم (944).