كتاب الزكاة
قال رحمه الله: «كتاب الزكاة»،
لما انتهى من كتاب الصلاة، أتبعه بكتاب الزكاة؛ لأن الزكاة هي الركن الثالث من
أركان الإسلام، وهي قرينة الصلاة في كتاب الله عز وجل، فرضها الله سبحانه وتعالى
على المسلمين بعد الهجرة، الصلاة فرضت قبل الهجرة، صلاها النبي صلى الله عليه وسلم
بمكة، وأما الزكاة وبقية أركان الإسلام إنما فرضت بعد الهجرة، والزكاة لها أهمية
عظيمة، وهي قرينة الصلاة في كثير من الآيات القرآنية، الصلاة عبادة بدنية، والزكاة
عبادة مالية.
الزكاة في اللغة: الطهارة والنماء، قال تعالى: ﴿خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ [التوبة: 103]، فهي طهارة للمزكي وطهارة للمال، وهي سبب لنزول البركة في المال الذي تخرج منه، وهي حق للفقراء والمساكين: ﴿وَٱلَّذِينَ فِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ مَّعۡلُومٞ ٢٤ لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ﴾ [المعارج: 24- 25]، ﴿وَفِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ﴾ [الذاريات: 19]، فهي حق، ليست تبرعًا مثل صدقة التطوع، وإنما هي حق واجب، وركن من أركان الإسلام، من منعها لوجوبها، كفر، وارتد عن الإسلام؛ لأنه مكذب لله ولرسوله، ولإجماع المسلمين، ولما علم من الدين بالضرورة، أما من منعها بخلاً، فإنه لا يرتد، ولكن يجب أخذها منه قهرًا؛ لأنها حق واجب في ماله، فيجب أخذها منه، يأخذها الإمام منه قهرًا، ويعذره على منعها تعذيرًا بليغًا، وإن كان من يمنع الزكاة له شوكة ومنعة، فإنه يقاتل؛ كما قاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه مانعي الزكاة، وقال: «وَالله لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ