الناس؛ لأن كلا يخرج مما عنده، الذي عنده طعام
يخرج طعامه، والذي عنده شعير يخرج شعيرًا، والذي عنده تمر يخرج تمرًا، والذي عنده
زبيب يخرج زبيبًا، والذي عنده أقط مثل البادية يخرج الأقط، فهذا من باب التوسعة
على الناس، ويخرج غيرها مما يقتات في البلد، ليس الإخراج خاصًا بهذه الأصناف.
وفيه: رد على الذين
يقولون بإخراج القيمة في صدقة الفطر، الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها من الطعام،
ولم يأمر بإخراجها من النقود، وقدرها بالصاع، هذا مما يؤيد أنها لا بد أن تكون مما
يكال من الطعام وغيره من الأقوات، ولا تكون من النقود، وأيضًا صدقة الفطر صدقة
ظاهرة، وأما إخراج الدراهم، فهو صدقة خفية، الرسول صلى الله عليه وسلم أمر
بإخراجها بالكيل والوزن، والأخذ والعطاء صدقة ظاهرة، فلو أنها أخرجت دراهم، ما
صارت ظاهرة، صارت خفية، فهي مظهر وشعيرة يجب إظهارها، ولا يجوز إخفاؤها نقودًا،
وأيضًا الفقير لا يجد يوم العيد محلات يشتري منها، حتى لو أعطيته نقودًا، ما يجد
محلات يشتري منها، فتعطيه طعامًا يستفيد منه، ولا يحتاج إلى شراء وذهاب إلى
المحلات، فالذين يقولون: تخرج القيمة. هؤلاء قولهم لا شك أنه مرجوح، وهو مذهب أبي
حنيفة رحمه الله، ولكن قوله مرجوح، إذا كنا رددنا قول معاوية -وهو صحابي- في
مقابلة النص، فكيف لا نرد قول أبي حنيفة رحمه الله وهو في مقابلة نص، القاعدة: أنه
لا اجتهاد مع النص أبدًا.
*****