كتاب الصيام
قال رحمه الله: «كتاب الصيام»،
لما فرغ من الأركان الثلاثة، التي هي الشهادتان، والصلاة، والزكاة، أما الركن
الأول - وهو الشهادتان -، فهذا في كتب العقائد، لم يذكره هنا بناء على أن له كتبا
خاصة، لأهمية هذا الركن، فإنه خص بكتب خاصة، وشأن الفقيه أن يذكر العبادات:
الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، هذه العبادات، وهو ذكر الصلاة والزكاة، وانتقل
إلى الركن الرابع، وهو الصيام، والمراد: صيام شهر رمضان، وكذلك صيام التطوع،
والصيام في اللغة: هو الإمساك؛ الإمساك عن الكلام - مثلاً - يسمى صيامًا؛ كما أمر
الله - سبحانه - مريم أن تقول: ﴿فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرۡتُ
لِلرَّحۡمَٰنِ صَوۡمٗا فَلَنۡ أُكَلِّمَ ٱلۡيَوۡمَ إِنسِيّٗا﴾ [مريم: 26] يعني: عن الكلام، وكذلك الإمساك عن المشي،
فالواقف يسمى صائما؛ أي عن الحركة في المشي؛ كما قال الشاعر:
خيل صيام وخيل غير صائمة *** تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
فقوله: «خيل صيام»؛ يعني:
ممسكات عن المشي، مربوطات.
ومنه قول امرئ القيس
في معلقته:
كان الثريا علقت في مصامها *** بأمراس كتان إلى صم جندل
«في مصامها»؛ يعني: كأن الثريا واقفة لا تتحرك، ولا تمشي من طول الليل عليه، حتى كأن الثريا مربوطة بأمراس من الكتان، لا تتحرك.