×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن عائشة رضي الله عنها: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ - وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ -، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ»([1]).

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى المُفْطِرِ، وَلاَ المُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ»([2]).

 

مع وجود العذر، فصومه صحيح عند جمهور أهل العلم، ولهذا قال: «باب الصوم في السفر وغيره».

هذا حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه، كان كثير الأسفار في رمضان وفي غيره، فجاء يستفتي النبي صلى الله عليه وسلم: هل يصوم في السفر؟ لأنه يجد قوة على الصيام، وصومه أيسر عليه من القضاء، النبي صلى الله عليه وسلم خيره، وقال له: «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ»، فدل على أن المسافر لا يتعين عليه الفطر، بل هو بالخيار، إن شاء صام، وإن شاء أفطر، لكن إن كان يشق عليه الصيام في السفر، أو يحتاج إلى الإفطار؛ لعمل يقوم به، فإن الفطر أفضل له، وإن كان لا يشق عليه الصيام، فله أن يصوم، وهذا أمر على التخيير.

هذا الحديث - أيضًا-: يدل على أنهم كانوا يسافرون مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان، وأن منهم من يفطر، ومنهم من يصوم، ولا يعيب أحد على أحد، لا يعيب المفطر على الصائم، ولا الصائم على المفطر، فدل على جواز الأمرين: الإفطار، أو الصيام،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1943)، ومسلم رقم (1121).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (1947)، ومسلم رقم (1118).