×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

 يومًا ويفطر يومًا، وكان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام ثلثه، فقال: «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا»؛ يعني: يصوم نصف الدهر، بدل أن يصوم الدهر كله، فإنه يصوم نصفه، ويفطر نصفه، هذا صيام داود عليه السلام، وداود هو نبي الله الذي أتاه الله الملك والنبوة، فهو ملك ونبي، وكان معتدلاً في العبادة صلى الله عليه وسلم، كان يصوم يومًا، ويفطر يومًا، وكان ينام نصف الليل الأول؛ حتى ينشط على القيام، والله جل وعلا يقول: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡ‍ٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا [المزمل: 6]، وناشئة الليل: هي القيام بعد نوم من أجل أن يأخذ الإنسان راحته، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه الأوسط، ثلثه بعد النصف، وهذا الثلث الذي بعد النصف يجمع بين جوف الليل وبين السحر، يجمع بين جوف الليل أي: وسط الليل، ويجمع بين السحر: ﴿وَٱلۡمُسۡتَغۡفِرِينَ بِٱلۡأَسۡحَارِ [آل عمران: 17]، وقت نزول الرب سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا، فاختيار داود عليه السلام لهذا للجمع بين الفضيلتين، جوف الليل وآخر الليل، وقت النزول الإلهي، ثم ينام سدسه، ينام بعد القيام من أجل أن يستجم بعد القيام، ويستعد لصلاة الفجر على نشاط، أما لو واصل القيام، ثم صلى الفجر، يكون هذا تعبًا، فكان يفصل بين قيام الليل وصلاة الصبح بأن ينام السدس الباقي، هذا قيام داود عليه السلام، وداود من أنبياء بني إسرائيل، وهو ملك ونبي، آتاه الله الزبور وحسن الصوت، فكان إذا ترنم بالزبور، فإن الجبال تردد معه، وتؤوب معه من حسن صوته، والطير أيضًا تجتمع لسماع صوته، وتردد معه: ﴿يَٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُۥ وَٱلطَّيۡرَۖ [سبأ: 10]، ذلك لحسن صوته


الشرح