بالزبور، والأدعية التي يدعو بها ربه عز وجل،
وكان هذا من ناحية الصيام، ومن ناحية الصلاة كذلك كان معتدلاً، ينام نصف الليل،
ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويجتمع في هذا مصالح عظيمة، منها سهولة العبادة، يستريح
قبلها، ويستريح بعدها، ثم يقوم لصلاة الصبح، ويصادف وقت الفضيلة من الليل، فهذا
أفضل شيء من قيام الليل لمن وفقه الله.
فقال عبد الله: «إِنِّي
أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ»، فقال صلى الله عليه وسلم: «لاَ أَفْضَلَ
مِنْ ذَلِكَ»، لا أفضل من قيام داود ومن صلاة داود صلى الله عليه وسلم، فهذا
الحديث يؤخذ منه فوائد عظيمة:
أولاً: أن العالم يوجه
الناس، لاسيما الحريصين على الخير، يوجههم إلى الطريق الأمثل والأحسن.
ثانيًا: الحديث فيه أن
الإنسان يعتدل في العبادة، لا يشق على نفسه، ولا يترك العبادة - يعني: النافلة -،
لا يترك النوافل نهائيًا، ولا يتشدد فيها، وإنما يعتدل؛ فإن ذلك أدعى للاستمرار
وعدم الملال، ولأن الإنسان تعرض له أحوال من مرض أو غيره، فيحتاج إلى الرفق، فإذا
كان معتدلاً، فإن هذا يحمله على الاستمرار في العبادة.
ثالثًا: فيه الاقتداء بالأنبياء السابقين، فإن هذا فيه الاقتداء بداود صلى الله عليه وسلم، والله جل وعلا يقول لنبيه: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ﴾ [الأنعام: 90]، فالقدوة تكون بالأنبياء، ولاسيما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهم خير قدوة للناس في العبادة، وليس هناك شيء أفضل من عبادة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، فمن يريد الخير، فإنه يقتدي