×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي المَنَامِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ»([1]).

 

ولكن الله أخفاها في ليالي رمضان؛ لأجل أن يجتهد المسلم في كل ليالي رمضان، فمن قام جميع ليالي رمضان، فإنه أدرك ليلة القدر قطعًا، فيجتمع له قيام ليلة القدر وقيام الشهر، يجتمع له الفضيلتان: فضيلة قيام الشهر، وفضيلة قيام ليلة القدر، أما من قام بعض الليالي، فلا يضمن أنه أدرك ليلة القدر، فينبغي للمسلم أن يقوم شهر رمضان كله، من أجل أن يحوز على الفضيلتين، فضيلة قيام الشهر وفضيلة قيام ليلة القدر، فهي ليلة عظيمة.

قلنا: إن ليلة القدر تحتمل في كل ليالي الشهر؛ لأن الله لم يبينها، وإنما الذي حصل من النبي صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه التحري، التحري فقط، وأحرى ما تكون في العشر الأواخر، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأوسط، ثم إنه نقل اعتكافه إلى العشر الأواخر، واستمر على ذلك؛ لأن هذه العشر هي التي ترجى فيها ليلة القدر أكثر من غيرها، والصحابة رأوها في المنام؛ أنها في السبع الأواخر من شهر رمضان، والمسألة لا تزال مسألة تحرٍ، فبعض العلماء يقول: إنها ليلة واحد وعشرين، وبعضهم يقول: إنها ليلة ثلاث وعشرين، وبعضهم يقول:


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (2015)، ومسلم رقم (1165).