وفي رمضان أفضل، وفي
العشر الأواخر منه أفضل، فهذا مما يرجح أن ليلة القدر في العشر الأواخر؛ لأن النبي
صلى الله عليه وسلم نقل اعتكافه إلى العشر الأواخر، وقد أري الليلة، ثم أنسيها صلى
الله عليه وسلم، وهذا لحكمة، أنسيها لحكمة؛ من أجل أن يجتهد المسلمون في جميع
الليالي، ولا يقتصروا على ليلة واحدة، فإذا اجتهدوا في الليالي، حصل لهم أجرها
وأجر ليلة القدر، ويكون هذا أكثر أجرًا، هذه الحكمة في أنه صلى الله عليه وسلم
أنسيها، فالذي يدل على أن ليلة القدر في العشر الأواخر أمران:
الأول: الاعتكاف؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم نقل اعتكافه من العشر الأوسط إلى العشر الأواخر، وقال: «فَالْتَمِسُوهَا
فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ».
الأمر الثاني: أنه قال: «رَأَيْتُنِي
أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا»؛ يعني: في صلاة الفجر يسجد في
ماء وطين، فلما كان ليلة إحدى وعشرين، وكان مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم عريشًا
من السعف ومن الجذوع، فلما أمطرت السماء، نزل المطر إلى أرض المسجد، وصار في مصلى
النبي صلى الله عليه وسلم ماء، فكان يسجد عليه صلاة الفجر، فرأى الصحابة على جبهته
أثر الماء والطين ليلة إحدى وعشرين، هذا مما يرجح أنها ليلة إحدى وعشرين، والله
تعالى أعلم.
*****
الصفحة 5 / 670