×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ فِي العَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَامًا، حَتَّى إِذَا كَانَتْ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، - وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنَ اعْتِكَافِهِ -، قَالَ: «مَنْ اعْتَكَفَ مَعِي، فَلْيَعْتَكِفِ العَشْرَ الأَوَاخِرَ، فَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ»، فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَكَانَ المَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ، فَوَكَفَ المَسْجِدُ، فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَعَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ المَاءِ وَالطِّينِ، مِنْ صُبْحِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ ([1]).

 

هذا كما سبق أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأوسط، ثم نقل اعتكافه إلى العشر الأواخر، والاعتكاف هو لزوم مسجد لطاعة الله تعالى، لزوم مسجد تقام فيه صلاة الجماعة؛ لأجل عبادة الله، فلا يخرج منه إلاَّ للحاجة التي لابد منها؛ من الوضوء، أو قضاء الحاجة، أو إحضار الطعام، ولكن يمضي أكثر وقته ليلاً ونهارًا في المسجد للعبادة: للصلاة، ولتلاوة القرآن، ولذكر الله عز وجل، ويتفرغ من أعمال الدنيا، ويشتغل بالعبادة، هذا هو الاعتكاف، وهو عبادة عظيمة، الاعتكاف عبادة عظيمة، قال تعالى: ﴿وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ [البقرة: 187]، الاعتكاف عبادة عظيمة في كل السنة،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2027)، ومسلم رقم (1167).