×
شرح عمدة الفقه الجزء الأول

قوله رحمه الله: «ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ»، والمضمضة هي إدارة الماء في الفم، في داخل الفم، «وَيَسْتَنْشِقُ ثَلاثًا»، والاستنشاق هو جذب الماء إلى داخل الأنف بنفس، إذا تمضمض، يمج الماء، وإذا استنشق يستنثر؛ ينثر الماء بيده اليسرى ([1]).

يستنشق بيده اليمنى، ويستنثر بيده اليسرى، ثلاثًا ثلاثًا، ما تكفي واحدة، هذا المستحب، أما إذا اقتصر على مضمضة واحدة أو استنشاق واحد، فإنه يكفي، لكن المستحب أن يكون ثلاثًا ثلاثًا ([2]).

والمضمضة والاستنشاق واجبان، لا يصح الوضوء إلا بهما؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَمَضْمِضْ» ([3])، وأمر صلى الله عليه وسلم بالمضمضة والاستنشاق في أحاديث، وفعل هذا صلى الله عليه وسلم، وفعله الذين يصفون وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم، فلو أنه ترك المضمضة والاستنشاق ما صح وضوؤه؛ لأنه ترك بعض وجهه، والله جل وعلا يقول: ﴿فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ [المائدة: 6]، وداخل الفم هذا من الوجه، وأيضًا داخل الأنف هذا من الوجه.

فلا بد من المضمضة والاستنشاق؛ لأن داخل الفم في حكم الظاهر؛ لأن الصائم لو وضع في فمه شيئًا ما أفطر؛ لأنه في حكم الظاهر، أو أدخل في أنفه شيئًا ما أفطر؛ لأنه في حكم الظاهر، فهو تابع للوجه.


الشرح

([1]عن ابن الأعرابي أنه قال: النَّثَرَة: طَرَف الأنف؛ انظر: العين (5/ 219)، وتهذيب اللغة (15/ 55).

([2]أخرجه: البخاري رقم (186)، ومسلم رقم (235).

([3]أخرجه: أبو داود رقم (144).