×
شرح عمدة الفقه الجزء الأول

قوله رحمه الله: «فِعْلَ الصَّلاةِ»، يمنع فعل الصلاة، الحائض لا تصلي ما دام الحيض عليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاَةَ» ([1])، ولما قال صلى الله عليه وسلم للنساء: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ»، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟» قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَت تمر عليها فترة لا تصلى فى أيام الحيضْ؟» قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا» ([2]).

فالحائض لا تصلي، ولا يجوز لها أن تصلي، لا تجب عليها الصلاة، ولا يجوز منها فعلها ما دامت حائضًا. قالت عائشة رضي الله عنها: «كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فنؤمر بِقَضَاءِ الصّوم، وَلاَ نؤمر بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ»؛ ردًّا على امرأة سألتها، فقالت: مَا بَالُ الْحَائِضِ لا تَقْضِي الصّلاة،َ. فَقَالَتْ: «أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟!» يعني: أأنتِ من الخوارج؟ لأن الخوارج هم الذين يسألون هذه الأسئلة التعنتية، ما كان من حقها أن تسأل، قالت: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ، قالت رضي الله عنها: «كنا نحيض علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ» ([3])، المسألة توقيفية، ما هي بعقلية، هي توقيفية.

وهذا - والله أعلم - لأن الصلاة تتكرر، فلو أمرت بقضائها، لشق ذلك عليها، وأما الصيام فإنه لا يتكرر، فلا يشق عليها قضاؤه، هذا من رحمة الله عز وجل.


الشرح

([1]أخرجه: البخاري رقم (228)، ومسلم رقم (333).

([2]أخرجه: البخاري رقم (304)، ومسلم رقم (79).

([3]أخرجه: البخاري رقم (321)، ومسلم رقم (335).