يحضر عند صلاة المصلي؛
ليُشغله عنها، فيطرده بالاستعاذة، والاستعاذة معناها: اللجوء إلى الله جل وعلا،
والاستجارة بالله، فالله يجيره من عدوه، ويحفظه، فلا يستطيع الشيطان أن يشوش عليه
صلاته؛ ولأنه سيقرأ القرآن، الله جل وعلا قال: ﴿فَإِذَا
قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98]، ﴿فَإِذَا قَرَأۡتَ﴾ يعني: إذا أردت
قراءة القرآن، قبل أن تقرأ، ﴿فَٱسۡتَعِذۡ
بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ﴾، و الرجيم فعيل، بمعنى:
مرجوم؛ ﴿قَالَ فَٱخۡرُجۡ
مِنۡهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٞ ٧٧وَإِنَّ عَلَيۡكَ لَعۡنَتِيٓ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلدِّينِ
٧٨﴾ [ص: 77، 78]، رجيم يعني: مرجوم، يُرجم كما يُرجم الكلب.
قوله رحمه الله: «ثُمَّ يَقْرَأُ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيْمِ»، ثم بعد الاستعاذة، يقول: «بِسْمِ
اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ»، سرًّا، هذا كله سرًّا، والبسملة ليست من
الفاتحة، وإنما هي آية مستقلة، يؤتى بها قبل السور، ما عدا براءة، وهي آية مستقلة
ليست من الفاتحة، ولذلك لا يُجهر بها، في الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه، قال:
«صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله
عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهم، فَلَمْ أَسْمَعْ
أَحَدًا مِنْهُمْ يَجْهَرُ»، ولم يذكر أنهم يأتون بـ ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ
ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾[الفَاتِحَة: 1] جهرًا إنما يجهرون بـ ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الفاتحة: 2].
قوله رحمه الله: «وَلا يَجْهَرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذلِكَ»؛
يعني: من الاستفتاح، ولا من الاستعاذة، ولا من البسملة، كل هذا يسره الإمام،
والمأموم، والمنفرد.
قوله رحمه الله: «لِقَوْلِ أَنَسٍ رضي الله عنه: «صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِيْ بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهم فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَجْهَرُ بِـ ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾[الفَاتِحَة: 1]، إذا أطلق «أنس»، فالمراد به أنس بن مالك رضي الله عنه.