وكان يتلقى الركبان من على الطريق، يسألهم عما نزل على رسول الله صلى الله
عليه وسلم من القرآن، فيخبرونه، فيحفظه، وهو طفل صغير في سن التمييز، لم يبلغ لكن
من حرصه أنه كان يتلقى من الركبان الذين يمرون بقبيلته، يقف لهم على الطريق،
يسألهم، فحصل جزءًا كبيرًا من القرآن حفظه، فصار هو أقرأ قومه، صار هو أقرؤهم،
فقدموه في الصلاة، فصار يصلي بهم، فهذا دليل على أن الأقرأ يقدم، وفي الحديث: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ
اللهِ».
قوله صلى الله عليه
وسلم: «فَإِنْ كَانُوْا فِي
الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ»، إذا تساووا في هذه
الصفة، كلهم يجيدون القراءة، فمن الذي يقدم؟ إذا كانوا في القراءة سواء، كلهم
يجيدون القراءة، لا ميزة لبعضهم على بعض، فينظر أعلمهم بسنة الرسول صلى الله عليه
وسلم، أعلمهم بالفقه، السنة يعني: الفقه؛ فقه السنة والقرآن، فيقدم الأفقه؛ لأن
الصلاة تحتاج إلى فقه، حتى إذا نابه شيء في صلاته وهو فقيه، يستطيع أن يكمل النقص
الذي حصل، أما إذا لم يكن فقيهًا فإنه يتحير، فالصلاة في حاجة إلى فقه، والفهم
لأحكام الصلاة.
قوله صلى الله عليه
وسلم: «فَإِنْ كَانُوْا فِي السُّنَّةِ
سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً»، إذا كانوا متساويين في القرآن والسنة،
فيقدم للإمامة أقدمهم هجرة من المهاجرين إلى بلاد الإسلام يقدم الأقدم هجرة؛ لأنه
أفضل.
قوله صلى الله عليه
وسلم: «وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ
الرَّجُلَ فِيْ سُلْطَانِهِ»، الأحوال التي تستثنى من هذا: أنه لا يتقدم على
صاحب البيت، إذا أرادوا أن يصلوا في بيت، فلا يتقدم أحد على صاحب البيت، هو الأولى
بالإمامة في بيته؛ كما في الحديث.