أو سفرًا لتجارة، أو سفرًا لزيارة مريض، أو سفرًا للنزهة المباحة، لا بأس
بذلك؛ لعموم الآية: ﴿وَإِذَا
ضَرَبۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ﴾ [النساء: 101]؛ يعني: سفرًا، أما إذا كان السفر لمعصية؛
كالذي يسافر إلى بلاد الكفار للنزهة، أو للمعصية والفسق والإباحية، هذا لا يجوز له
الترخص بالجمع؛ هذا إعانة له على المعصية، والرخص لا تستباح للمعاصي، إنما هي
للذين يسافرون سفرًا مباحًا، أما من يسافر لزيارة القبور والمشاهد، فهذا لا يجوز
له الجمع ولا القصر، إلا المسافر للمساجد الثلاثة؛ المسجد الحرام، أو المسجد
النبوي، أو المسجد الأقصى.
قوله رحمه الله: «فَلَهُ قَصْرُ الرُّبَاعِيَّةِ خَاصَّةً»،
الرباعية خاصة، أما الفجر، فلا تقصر؛ لأنها هي أصلاً ركعتان، إذا قصر، صارت ركعة،
والمغرب ثلاث، لكن لأنها وتر، والوتر لا يُقصر، والمغرب وتر النهار، فلا تقصر،
إنما يختص القصر بالظهر، وبالعصر، وبالعشاء؛ الرباعية.
قوله رحمه الله: «إِلاَّ أَنْ يَأْتَمَّ بِمُقِيْمٍ»، متى
يلزم المسافر الإتمام؟ انتبهوا! متى يلزم المسافر الإتمام؟ هذه مسائل:
المسألة الأولى: إذا ائتم بمقيم، فإن حكمه حكم المقيم، فلا يقصر خلف المقيم، بل يتم؛ كما في الحديث: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: كَيْفَ أُصَلِّي إِذَا كُنْتُ بِمَكَّةَ، إِذَا لَمْ أُصَلِّ مَعَ الإِْمَامِ؟ فَقَالَ: «رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ أَبِي الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم » ([1])؛ يعني: سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا له حكم الرفع، إذا قال الصحابي: «هذا من السنة»، فهو مرفوع؛ لأن المراد بالسنة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيلزم المسافر إذا صلى خلف مقيم أن يتم الصلاة؛ تبعًا لإمامة، هذه مسألة يغلط فيها كثير من العوام، والمتعالمين، يصلي،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (688).