قوله رحمه الله: «وَلا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ»، ثانيًا: لا تدفع الزكاة لقوي مكتسب؛ لأن
الغنى على قسمين: غنى بالفعل لمن عنده مال، وغنى بالقوة القريبة، وهو القوي الذي
يقدر على الاكتساب، هذا غنى بالقوة، ما عنده مال، لكنه لو اشتغل، لحصل على المال،
فهذا لا تدفع له الزكاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلاَ لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» ([1])، وذي المرة هو
القوي، والمِرة: القوة، قال الله جل وعلا في جبريل عليهالسلام: ﴿ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ﴾ [النجم: 6]؛ يعني:
القوة، فلا تحل لذي مرة سوي، لا تحل له الزكاة؛ فالذين يتطلعون للزكاة، ويحرصون
عليها، وهم أقوياء، يقدرون على الكسب، وهناك فرص للكسب، لا تحل لهم الزكاة، ولا
تبرأ ذمة المزكي إذا دفعها إليهم، وهو يرى أنهم أقوياء، يقدرون على الاكتساب؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «وَلاَ
حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلاَ لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ».
قوله رحمه الله: «وَلا تَحِلُّ لآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَهُمْ: بَنُوْ هَاشِمٍ وَمَوَالِيْهِمْ»، ثالثًا: لا تحل لمحمد صلى الله عليه وسلم، ولا لآل محمد؛ لأنها أوساخ الناس، فلا تحل لمحمد صلى الله عليه وسلم ولا لآله، وآله هم بنو هاشم، يدخل فيهم آل علي وآل عقيل، ويدخل فيهم آل العباس بن عبد المطلب، هؤلاء لا تحل لهم الزكاة؛ كما في الحديث: «مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، بِتَمْرَةٍ مَسْقُوطَةٍ فَقَالَ: «لَوْلاَ أَنْ تَكُونَ مِنْ صَدَقَةٍ لَأَكَلْتُهَا»» ([2])، ولما جاءت الزكاة عند الرسول صلى الله عليه وسلم ليوزعها من التمر؛ كما في الحديث: «أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كِخْ كِخْ، ارْمِ بِهَا، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟» ([3]).
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (1634)، والترمذي رقم (652)، وأحمد رقم (6530).