فلا يجوز للمحرم أن يأخذ من رأسه، ولا من شعره شيئًا، لا كثيرًا ولا
قليلاً، حتى الشعرة الواحدة.
ولأن كعب بن عجرة رضي
الله عنه كان محرمًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فآذاه القمل برأسه، فجيء به إلى
النبي صلى الله عليه وسلم، والقمل يتناثر من رأسه، فقال: «لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ»، قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أو أَطْعِمْ سِتَّةَ
مَسَاكِينَ، أو انْسُكْ بِشَاةٍ» ([1])، وهذا كما في قوله
تعالى: ﴿فَمَن كَانَ
مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ بِهِۦٓ أَذٗى مِّن رَّأۡسِهِۦ فَفِدۡيَةٞ مِّن صِيَامٍ أَوۡ
صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكٖۚ فَإِذَآ أَمِنتُمۡ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلۡعُمۡرَةِ إِلَى ٱلۡحَجِّ
فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۚ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖ
فِي ٱلۡحَجِّ وَسَبۡعَةٍ إِذَا رَجَعۡتُمۡۗ تِلۡكَ عَشَرَةٞ كَامِلَةٞۗ﴾ [البقرة: 196]، هذا
في هدي التمتع.
وفي قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحۡلِقُواْ
رُءُوسَكُمۡ﴾ [البقرة: 196]، هذا عام، ﴿حَتَّىٰ
يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ﴾ [البقرة: 196].
وقوله: ﴿فَفِدۡيَةٞ مِّن صِيَامٍ
أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكٖۚ﴾ [البقرة: 196] على التخيير؛ لأن «أو» للتخيير، فيخيَّر بين هذه الأشياء: ﴿صِيَامٍ
أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكٖۚ﴾؛ يعني: ذبحًا، نسكًا المراد به الذبيحة.
قوله رحمه الله: «وَقَلْمُ الظُّفُرِ»، الثاني: قلم
الأظفار، أيضًا المحرم لا يقلم أظفاره، وهذا بالإجماع؛ لأنه لا يقلم أظفاره وهو
محرم، ولكن ليس هناك دليل في تحريم قلم الأظفار، ولكن قالوا: الإجماع هو الدليل، وأيضًا
القياس على حلق الشعر بجامع الترفه.
قوله رحمه الله: «فَفِيْ ثَلاثَةٍ مِنْهَا دَمٌ،وَفِيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا دُوْنَهَا مُدُّ طَعَامٍ، وَهُوَ رُبُعُ الصَّاعِ»، إذا حلق رأسه كله، ففيه الفدية،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1814)، ومسلم رقم (1201).