فمَثَلهم
كمَثَل أصحاب الجنة الذين ذَكَر الله سبحانه وتعالى قصتهم في هذه الآيات.
والله
عز وجل قال في أهل مكة: ﴿إِنَّا
بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ﴾
يعني: أهل مكة، ﴿وَضَرَبَ
ٱللَّهُ مَثَلٗا قَرۡيَةٗ كَانَتۡ ءَامِنَةٗ مُّطۡمَئِنَّةٗ يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدٗا مِّن كُلِّ مَكَانٖ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ
وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ ١١٢ وَلَقَدۡ
جَآءَهُمۡ رَسُولٞ مِّنۡهُمۡ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ ٱلۡعَذَابُ وَهُمۡ
ظَٰلِمُونَ﴾ [النحل: 112- 113].
فمَثَلهم
كمَثَل أصحاب هذه الجنة التي ذكرها الله، حيث قال: ﴿إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ﴾
أي: اختبرنا أهل مكة كما اختبرنا أهل هذه الجنة، التي ذَكَر الله من قصتها ما
ذَكَر.
وهي
أنه كان في أرض اليمن رجل له حديقة تثمر، وكان هذا الرجل مسلمًا مؤمنًا، وكان يعطي
المساكين قسمًا من هذه الثمرة، فبارك الله سبحانه وتعالى له فيها، وجعلها تُدِر
خيرًا على صاحبها وعلى مساكين البلد.
فلما
مات هذا الرجل وورثه أبناؤه، أساءوا استعمالها، وخَطَّئوا أباهم: لماذا يعطي
المساكين؟! فالبستان لنا، ونريد ثمرته لنا، ولا نريد أحدًا أن يأخذ منها شيئًا!! وعزموا
على هذه النية السيئة.
﴿إِذۡ أَقۡسَمُواْ﴾ أي: حين أقسموا وحلفوا على
هذه الخطة السيئة.
﴿لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ﴾،
أي: يجذونها في وقت الصباح الباكر؛ حتى لا يعلم بهم الفقراء، فلا يحضروا كما كانوا
في السابق في وقت أبيهم عند الجِذاذ.
فهم قد حَلَفوا على أنهم يَصْرِمون هذه الجنة، قبل أن يستيقظ الناس حتى لا يأتيهم أحد.