الدرس المائة والثالث والعشرون
قال تعالى: ﴿إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ ١ وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا ٢ فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا﴾ [النصر: 1- 3].
الشرح
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماضيًا في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى والجهاد في سبيله، ينتصر تارة ويُدال عليه تارة أخرى، هكذا منذ أن هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
ففي مكة كانت دعوة بلا جهاد، وأما في المدينة فكانت دعوة وجهادًا، فقد أَذِن الله سبحانه وتعالى له صلى الله عليه وسلم بالجهاد وأَمَره به، فجاهد صلى الله عليه وسلم، وكانت الحرب بينه وبين أعدائه سِجالاً ودُولاً، وهذه هي سُنة الله سبحانه وتعالى في خلقه.
ولما كان صلى الله عليه وسلم في آخر أيامه وختام عمره، فَتَح الله سبحانه وتعالى عليه النصر والتوفيق، فغزا مكة، وقد كان الكفار أخرجوه منها وقت الهجرة مختفيًا مع صاحبه أبي بكر رضي الله عنه، وكانوا يترصدونه صلى الله عليه وسلم ويترقبونه؛ ليقتلوه! ولكن الله سبحانه وتعالى نجاه منهم، وخرج ثاني اثنين؛ كما قال عز وجل: ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 40]
وليس معهما إلاَّ دليلهما عبد الله بن أُرَيْقِط الليثي، فخرجوا ثلاثة، هم: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر رضي الله عنه، والدليل: عبد الله بن أُرَيْقِط، وكان كافرًا، ولكن استأجره أبو بكر رضي الله عنه ليدلهما على الطريق.
الصفحة 1 / 524