الدرس الثامن بعد المائة
قال تعالى: ﴿وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ ١ وَطُورِ سِينِينَ ٢ وَهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ٱلۡأَمِينِ ٣ لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ ٤ ثُمَّ رَدَدۡنَٰهُ أَسۡفَلَ سَٰفِلِينَ ٥ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ ٦ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعۡدُ بِٱلدِّينِ ٧ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَحۡكَمِ ٱلۡحَٰكِمِينَ﴾ [التين: 1- 8].
الشرح
هذه السورة العظيمة تتضمن العديد من آيات الله سبحانه وتعالى وبديع صنعه؛ مما يقتضي ربوبيته وألوهيته وشُكْره سبحانه وتعالى.
قال عز وجل: ﴿وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ ١ وَطُورِ سِينِينَ ٢ وَهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ٱلۡأَمِينِ﴾، هذه أقسام أَقسم الله سبحانه وتعالى بها؛ لأن هذه الأقسام المُقْسَم بها فيها عبر وعظات، وآيات يَلفت الأنظار إليها للتأمل فيها.
فقوله عز وجل: ﴿وَٱلتِّينِ﴾، «الواو»: واو القَسَم. و«التين» مُقْسَم به. وكذلك بقية الآيات. و«التين» هو: الفاكهة المعروفة، أَقسم الله سبحانه وتعالى بها لما فيها من العبر والمنافع.
﴿وَٱلزَّيۡتُونِ﴾، الزيتون كذلك، وهو: الزيتون الذي يُعْصَر منه الزيت الذي يُؤْتدَم به ويُستصبَح به ويُنتفع به، وهو شجرة مباركة، كما قال عز وجل: ﴿شَجَرَةٖ مُّبَٰرَكَةٖ زَيۡتُونَةٖ﴾ [النور: 35].
قال عز وجل: ﴿وَطُورِ﴾، «الطور» هو: الجبل. والمراد هنا: الجبل الذي كَلَّم الله سبحانه وتعالى عليه نبيه موسى عليه السلام. و﴿سِينِينَ﴾، أي: سيناء، فـ «سينين وسيناء» بمعنى واحد، وقرئ: «وَطُورِ سَيْنَاءَ».
﴿وَهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ٱلۡأَمِينِ﴾، وهو مكة المكرمة. ووُصِف بالأمين لأن مَن دخله كان آمنًا، فالله سبحانه وتعالى جعله آمنًا، قال عز وجل: ﴿أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا حَرَمًا
الصفحة 1 / 524