الدرس التاسع عشر بعد المائة
قال تعالى: ﴿لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ ١ إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ ٢ فَلۡيَعۡبُدُواْ رَبَّ هَٰذَا ٱلۡبَيۡتِ ٣ ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۢ﴾ [قريش: 1- 4].
الشرح
﴿لِإِيلَٰفِ﴾، «لإيلاف»، اللام: لام الجر، و«إيلاف» مجرور، والجار والمجرور متعلقان بالسورة التي قبل هذه السورة، وهي سورة الفيل.
﴿لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ﴾، أي: أهلكنا أصحاب الفيل لأجل قريش، وإكرام هذه القبيلة التي هي سَدَنة بيت الله سبحانه وتعالى، العتيق الذي نجاه من كيد هذا الجبار، وكانت قريش هي تاج العرب بسبب أنهم كانوا جيران البيت العتيق، وكانوا يتولون أمور الحجاج في الجاهلية بالرِّفادة والسِّقاية.
﴿إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ﴾، أي: كما أَلِفوا الرحلتين. وكان من عادة قريش أن لها رحلتين؛ لأن مكة ليس فيها إنتاج، فهي وادٍ غيرُ ذي زرع؛ كما أخبر الله عن ذلك بقوله عز وجل على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام: ﴿رَّبَّنَآ إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيۡرِ ذِي زَرۡعٍ عِندَ بَيۡتِكَ ٱلۡمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱجۡعَلۡ أَفِۡٔدَةٗ مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهۡوِيٓ إِلَيۡهِمۡ وَٱرۡزُقۡهُم مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَشۡكُرُونَ﴾ [إبراهيم: 37].
فهم يجلبون لها البضائع والتجارة من هنا وهناك، فكانت لقريش رحلتان تجاريتان: رحلة في الشتاء إلى اليمن لأن فيه الدفء، والرحلة
الصفحة 1 / 524