الدرس الثالث والسبعون
قَال
تعالى: ﴿وَأَنَّا
مِنَّا ٱلصَّٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَۖ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدٗا ١١ وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن نُّعۡجِزَ ٱللَّهَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَن
نُّعۡجِزَهُۥ هَرَبٗا ١٢ وَأَنَّا
لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰٓ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن يُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا
يَخَافُ بَخۡسٗا وَلَا رَهَقٗا ١٣ وَأَنَّا
مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُوْلَٰٓئِكَ
تَحَرَّوۡاْ رَشَدٗا ١٤ وَأَمَّا
ٱلۡقَٰسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَبٗا ١٥ وَأَلَّوِ ٱسۡتَقَٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسۡقَيۡنَٰهُم مَّآءً
غَدَقٗا ١٦ لِّنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَمَن يُعۡرِضۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِۦ يَسۡلُكۡهُ
عَذَابٗا صَعَدٗا ١٧ وَأَنَّ ٱلۡمَسَٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا
تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدٗا﴾ [الجن: 11- 18].
الشرح
هذه
الآيات من جملة ما أخبرت به الجن لما سمعوا القرآن، وإنك لَتَعْجَب إذا كان الجن
يتأثرون بالقرآن ويخشعون له، فكيف بالإنس وأكثرهم يُعْرِضون عن القرآن، مع أنه
بِلُغتهم ويخاطبهم أصلاً، ومع هذا فإن كثيرًا من الإنس يُعْرِضون عن القرآن، ولا
يستفيدون منه ولا ينتفعون به، إلاَّ مَن رحم الله.
فمن
جملة ما أخبر به أنهم قالوا: ﴿وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّٰلِحُونَ﴾
أي: الجن المستقيمون على طاعة الله عز وجل، ﴿وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَۖ﴾ أي: دون
الصالحين، مَن عندهم قصور في الصلاح؛ كما عند الإنس كذلك، منهم صالحون مستقيمون،
ومنهم عصاة وفَسَقة، فكذلك الجن.
﴿كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدٗا﴾ أي: فِرقًا مختلفة وأحزابًا وشِيَعًا، كل حزب له طريقة ومنهج يختلف عن الأخرى؛ مثل الإنس، كذلك مختلفون، لهم طرائق ومناهج مختلفة.
الصفحة 1 / 524