×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

وقد كانت العرب قديمًا في الجاهلية كذلك، كانوا متفرقين في عباداتهم، منهم مَن يعبد ما استحسنه أو وجد عليه آباءه: فمنهم مَن يعبد الشياطين، ومنهم مَن يعبد الشجر والحجر، ومنهم مَن يعبد الشمس والقمر، ومنهم مَن يعبد الملائكة، ومنهم مَن يعبد الأولياء والصالحين... إلى أن بَعَث الله سبحانه وتعالى رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم وجاء بالحق، فآمن به مَن آمن من الإنس والجن، واهتدَوْا بدعوته واستفادوا من علمه.

وكانوا في الجاهلية متفرقين في توجهاتهم؛ لأن الذي لا يكون على الحق فإنه يتفرق ويتشعب عليه الأمر.

فمَن تَرَك الهدى وقع في الضلال والاختلاف والتفرق؛ لأنه مثل الذي يمشي على غير جادة؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153].

فما يَعصم من هذا التفرق وهذا الاختلاف وهذا التناحر - إلاَّ التمسك بالكتاب والسُّنة، هذا هو حبل الله سبحانه وتعالى، فمَن تمسك به واعتصم به نجا، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن يَعۡتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدۡ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ[آل عمران: 101].

وأما مَن لم يكن له هدى من الله جل جلاله، فإنه يقع في التِّيه والتفرق والاختلاف الذي لا ينتهي، قال سبحانه وتعالى: ﴿كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ [المؤمنون: 53]، كُلٌّ يظن أنه على الحق وأن غيره على الباطل، بل ويفرح بما هو عليه زيادةً في الفتنة. وإلا لو كان ما يطمئن إلى ما هو عليه، لكان من الإمكان أن يبحث عن الحق. لكن المشكلة هي أنه إذا كان


الشرح