الدرس الخامس عشر بعد المائة
قال تعالى: ﴿أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ ١ حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ ٢ كَلَّا سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ ٣ ثُمَّ كَلَّا سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ ٤ كَلَّا لَوۡ تَعۡلَمُونَ عِلۡمَ ٱلۡيَقِينِ ٥ لَتَرَوُنَّ ٱلۡجَحِيمَ ٦ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيۡنَ ٱلۡيَقِينِ ٧ ثُمَّ لَتُسَۡٔلُنَّ يَوۡمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ﴾ [التكاثر: 1- 8].
الشرح
قال عز وجل: ﴿أَلۡهَىٰكُمُ﴾، أي: شَغَلكم، ﴿ٱلتَّكَاثُرُ﴾، أي: التكاثر في الأموال والأولاد. كما قال عز وجل: ﴿ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرٞ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِۖ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰمٗاۖ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٞ شَدِيدٞ وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٞۚ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ﴾ [الحديد: 20].
فمهمة الإنسان الآن وكل ما يشغله هو أن يكون أكثر الناس مالاً ويكون أكثر الناس أولادًا، بل ويفاخر بذلك. وهذا يشغل الإنسان عن العمل الصالح، فكل همه التكاثر في الأموال والأولاد وأمور الدنيا، وأما الآخرة فهو غافل عنها.
وما زال يلهيكم هذا التكاثر ويشغلكم، ﴿حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ﴾، فلا تدري إلاَّ عندما يفاجئك الموت وما أكملت أعمالك التي كنت تعملها، فيفاجئك الموت وتُنْقَل إلى المقبرة، وليس معك من هذا التكاثر إلاَّ كفنك فقط، فقد دخلت الدنيا وأنت ليس عليك شيء، وخرجت منها عريانًا، ليس معك إلاَّ الكفن والعمل فقط.
وقال: ﴿حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ﴾ ولم يقل: «حتى صرتم إلى المقابر»؛ لأن المقابر مؤقتة وليست دائمة، فأنت في المقابر مثل الزائر تنتظر
الصفحة 1 / 524