فيها؛ لهذا سُميت «دار
البرزخ»، و«البرزخ» هو: الحاجز بين الشيئين ([1])،
والمقابر دار فاصلة بين الدنيا والآخرة، ليس الإنسان دائمًا فيها، إنما هي محطة
انتظار، ثم ينتقل منها بعد ذلك إلى دار المقام.
ومن
هنا يخطئ مَن يقول عند وفاة شخص: «نُقِل فلان إلى مثواه الأخير»! فالقبر ليس مثواه
الأخير، بل مثواه الأخير يكون إما في الجنة وإما في النار؛ ولذلك سُميت الدار
الآخرة بـ «دار القرار»، أي: التي ليس بعدها رحيل، قال عز وجل: ﴿يَٰقَوۡمِ إِنَّمَا هَٰذِهِ
ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا مَتَٰعٞ وَإِنَّ ٱلۡأٓخِرَةَ هِيَ دَارُ ٱلۡقَرَارِ﴾ [غافر: 39]. وأما القبر فإنما هو منزل مؤقت.
قال
عز وجل: ﴿كَلَّا﴾، حرف تنبيه وزجر، ﴿سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ﴾،
ما خرجتم به من هذه الدنيا، وتعلمون مآلكم في الآخرة وما هو أمامكم. فأنتم الآن
تعملون ولا تعلمون، ولكنكم سوف تعلمون مستقبلاً ولا تعملون.
﴿ثُمَّ كَلَّا سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ﴾،
توكيد.
﴿كَلَّا لَوۡ تَعۡلَمُونَ عِلۡمَ ٱلۡيَقِينِ﴾،
لو تعلمون الآن علم اليقين الذي لا شك معه ماذا سيكون حالكم ومآلكم، لصار لكم حال
غير هذه الحال.
وكَرَّر
الله سبحانه وتعالى ﴿كَلَّا﴾؛ للزجر والتهديد.
﴿حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ﴾،
هذا هو المآل، فقد بَيَّن الله سبحانه وتعالى لنا كل شيء، ما يُخفي علينا.
﴿كَلَّا لَوۡ تَعۡلَمُونَ عِلۡمَ ٱلۡيَقِينِ ٥ لَتَرَوُنَّ ٱلۡجَحِيمَ ٦ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيۡنَ ٱلۡيَقِينِ﴾
([1])انظر مادة (ب زخ) في مقاييس اللغة (1/ 333)، وتاج العروس (7/ 234)، ولسان العرب (3/ 8).