×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

 الأخرى كانت في الصيف إلى الشام لأن فيه البرودة والجو الطيب.

ولولا هاتان الرحلتان لم يمكن بها مقام، ولولا الأمن بجوارهم البيت لم يَقْدِروا على التصرف، قال عز وجل: ﴿أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا حَرَمًا ءَامِنٗا وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنۡ حَوۡلِهِمۡۚ أَفَبِٱلۡبَٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ يَكۡفُرُونَ[العنكبوت: 67].

فكان هذا شأن قريش، ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسفارهم؛ لعظمتهم عند الناس ولكونهم جيران بيت الله الحرام، البيت العتيق؛ لهذا قال عز وجل: ﴿إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ..

وتأمل قوله عز وجل: ﴿فَلۡيَعۡبُدُواْ رَبَّ هَٰذَا ٱلۡبَيۡتِ، ولم يقل: «فليعبدوا هذا البيت»، فأرشدهم الله سبحانه وتعالى إلى شكر هذه النعمة العظيمة، بأن يقيموا العبادة لله سبحانه وتعالى، وأما البيت فإنه مسجد ومكان للعبادة، والمعبود هو الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَآ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ رَبَّ هَٰذِهِ ٱلۡبَلۡدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُۥ كُلُّ شَيۡءٖۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ [النمل: 91].

﴿ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۢ، أي: تَفَضَّلَ عليهم، ووَفَّر لهم الأرزاق والأمن من الخوف، وهذا كله بسبب جوارهم لبيت الله الحرام، فالرزق والأمن مقترنان؛ كما أن الجوع والخوف مقترنان، قال عز وجل: ﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا قَرۡيَةٗ كَانَتۡ ءَامِنَةٗ مُّطۡمَئِنَّةٗ يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدٗا مِّن كُلِّ مَكَانٖ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ [النحل: 112].

قال عز وجل: ﴿وَقَالُوٓاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلۡهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفۡ مِنۡ أَرۡضِنَآۚ أَوَ لَمۡ نُمَكِّن لَّهُمۡ حَرَمًا ءَامِنٗا يُجۡبَىٰٓ إِلَيۡهِ ثَمَرَٰتُ كُلِّ شَيۡءٖ رِّزۡقٗا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ [القصص: 57].


الشرح