وإنما
اليوم الذي يَكشف الله سبحانه وتعالى فيه عن ساقه هو ما جاء في الحديث الصحيح، عن
أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه وغيره، أن الله عز وجل يَكشف عن ساقه عز وجل، فعند
ذلك يَخِر المؤمنون الذين كانوا يعبدونه في الدنيا ويسجدون له؛ تعظيمًا لربهم
سبحانه وتعالى.
ويريد
المنافقون الذين كانوا يُظهرون الإيمان في الدنيا خداعًا ومكرًا، ويُصَلُّون
تظاهرًا لا إيمانًا، يريدون أن يسجدوا مع المؤمنين، فتتصلب ظهورهم كصياصي البقر،
فلا يستطيعون السجود؛ عقوبة لهم وخزيًا لهم في هذا الموقف، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى
ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ﴾ [القلم: 42]. وكذلك الكفار، الذين
كانوا في الدنيا إذا قيل لهم: اركعوا. لا يركعون - أيضًا تتصلب ظهورهم.
وإنما
يسجد لله عز وجل المؤمنون الصادقون في إيمانهم، المحافظون على الصلوات في الدنيا،
والمحافظون على صلاة الجماعة - أيضًا-، فالذي يتخلف عن صلاة الجماعة، ولا يصليها
في المسجد، تصيبه - أيضًا - هذه العقوبة يوم القيامة؛ لأنه يُدْعَى إلى الصلاة في
المسجد فلا يجيب.
﴿خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ﴾ أي: تكون
أبصارهم ذليلة من الخوف والفزع.
﴿تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ﴾ أي: تغشاهم ذلة في هذا
الموقف. بخلاف المؤمنين، فإنهم يفرحون بهذا اليوم ويكونون أقوياء عزيزين.
﴿وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ﴾: فلا يُصَلُّون أصلاً. أو أنهم يُصَلُّون، ولكن لا يُصَلُّون مع الجماعة ويتخلفون عن صلاة الجماعة، وهذا من صفات المنافقين؛ وذلك لقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ﴾ أي: يَسمعون النداء: «حي على الصلاة، حي على الفلاح»، فلا يجيبون الداعي.