﴿وَهُمۡ سَٰلِمُونَ﴾:
ليس فيهم آفة تمنعهم من السجود، فابتلاهم الله سبحانه وتعالى في هذا اليوم بالخزي
والعار، وحَرَمهم من السجود إذا كشف الله عن ساقه.
فهذا
شامل للمنافق، وشامل لتارك الصلاة في الجماعة من غير عذر، وشامل للكافر الذي أبى
أن يصلي، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرۡكَعُواْ لَا يَرۡكَعُونَ﴾
[المرسلات: 48].
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿فَذَرۡنِي
وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ﴾:
هذا خطاب من الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، أي: لا يهمك أمرهم وعنادهم
وكفرهم؛ لأنك قد بَلَّغتَهم الرسالة، اترك شأنهم لي وكِلهم إليَّ، فأنا أتولى
جزاءهم، فما على الرسول إلاَّ البلاغ.
أي:
بهذا القرآن الذي تتلوه عليهم، ويسمعونه ولا يؤمنون به ولا يتأثرون به.
﴿سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ﴾:
يغمرهم الله سبحانه وتعالى بالنعم؛ حتى يَزيد طغيانهم وكفرهم ويظنوا أنهم حصلوا
على هذا بسبب معارضتهم لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه لن يصيبهم ضرر،
بل قد جاءهم نِعم ورخاء، فيغترون بذلك ويُعْجَبون بحالهم، ثم يأخذهم الله عز وجل
على غِرة!! فهذا هو الاستدراج، والعياذ بالله.
ولو
أنه سبحانه وتعالى عاجلهم بالعقوبة، لكان ذلك أخف عليهم.
فهذا
فيه الخوف من بسط النعم إذا كان الناس على مخالفات ومعصية - أن يكون هذا استدراجًا،
فإذا بُسِطت النعم على الناس وهم في حال سيئة وكفر ومعاصٍ ومخالفات، فهذا استدراج
لهم.
﴿مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ﴾: لا يَعلمون أن الله يستدرجهم، بل يظنون أنه عز وجل يكرمهم، ويغترون بما هم عليه.