فهذا مِثل قوله سبحانه
وتعالى في موضع آخر: ﴿ٱلۡقَارِعَةُ
١ مَا ٱلۡقَارِعَةُ ٢ وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا
ٱلۡقَارِعَةُ﴾ [القارعة: 1- 3]، فالقارعة هي يوم القيامة، وسُميت
القارعة لأنها تَقْرَع الأسماع بأهوالها.
ثم
بَيَّن سبحانه وتعالى ما حصل للمكذبين بالحاقة، فقال سبحانه وتعالى: ﴿كَذَّبَتۡ ثَمُودُ وَعَادُۢ
بِٱلۡقَارِعَةِ﴾، والقارعة هي الحاقة، اسم آخَر من أسمائها.
و﴿ثَمُودُ﴾ هي: القبيلة المعروفة التي كانت تسكن في وادي القرى في
مدائن صالح عليه السلام، وهي أمة قوية عظيمة، لكنهم كانوا على الشرك والكفر بالله،
وقد أعطاهم الله سبحانه وتعالى قوة ومهارة في نحت الجبال وجَعْلها بيوتًا، مما لا
تَزال آثاره باقية إلى الآن في ديارهم شاهدة عليهم.
قال
سبحانه وتعالى: ﴿وَثَمُودَ
ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ﴾
[الفجر: 9] أي: قطعوه.
قال
لهم نبي الله صالح عليه السلام: ﴿وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعۡدِ عَادٖ وَبَوَّأَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورٗا وَتَنۡحِتُونَ ٱلۡجِبَالَ بُيُوتٗاۖ فَٱذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ
مُفۡسِدِينَ﴾ [الأعراف: 74].
وهي
بلاد خصبة زراعية، فيها الثمار والنخيل، فأعطاهم الله عز وجل قوة وثروة وغِنى، ولكنهم
بَطِروا نعمة الله سبحانه وتعالى عليهم.
فأرسل
الله عز وجل إليهم رسوله ونبيه صالحًا عليه السلام، ودعاهم إلى الله سبحانه وتعالى،
وذَكَّرهم بالله عز وجل وذَكَّرهم بالنعمة التي بين أيديهم!!
ولكن
لم ينفع ذلك فيهم فكَذَّبوه: ﴿قَالُوٓاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلۡمُسَحَّرِينَ ١٥٣ مَآ أَنتَ إِلَّا بَشَرٞ
مِّثۡلُنَا فَأۡتِ بَِٔايَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ ١٥٤﴾ [الشعراء: 153- 154] أي: بآية ومعجزة تدل على صدقك.
﴿قَالَ هَٰذِهِۦ نَاقَةٞ لَّهَا شِرۡبٞ وَلَكُمۡ شِرۡبُ يَوۡمٖ مَّعۡلُومٖ ١٥٥ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ فَيَأۡخُذَكُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَظِيمٖ﴾[الشعراء: 155، 156] ناقة أخرجها الله سبحانه وتعالى لهم،