×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

 فهو أول رسول بعثه الله عز وجل إلى أهل الأرض، لما ظهر الشرك في قومه عليه السلام، وذلك أن الناس كانوا من عهد آدم عليه السلام إلى عهد نوح عليه السلام كانوا على التوحيد، كانوا على دين أبيهم آدم عليه السلام، عَشَرة قرون؛ كما قال ابن عباس رضي الله عنه ([1])، وهم على التوحيد، يعبدون الله، ولا يشركون به شيئًا.

فلما كان في وقت نوح عليه السلام تغير الحال، وحَدَث الشرك؛ وذلك بسبب الغلو في الصالحين، فإن الذي أوقع قوم نوح عليه السلام في الشرك هو الغلو في الصالحين، وذلك أنه كان فيهم رجال صالحون، يعبدون الله سبحانه وتعالى، كانوا يحبونهم ويُجِلونهم، فلما ماتوا جميعًا حَزِن عليهم قومهم، لما فقدوهم وفقدوا أعمالهم وعلمهم، وحَزِنوا عليهم حزنًا شديدًا.

فجاءهم الشيطان واستغل هذه المناسبة، ورأى حرصهم على الذين ماتوا، وحزنهم عليهم، فاستغل هذه الفرصة، وأشار عليهم ومكر بهم، فقال: صَوِّروا صُوَرهم وانصبوها على مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها؛ من أجل أن تتذكروا أحوالهم وتنشطوا على العبادة!!

جاءهم بطريق النصح من باب المكر بهم؛ لأجل أن يَقبلوا منه.

فأخذوا بهذه المشورة، وصَوَّروا صور هؤلاء الصالحين ونصبوها على مجالسهم؛ للتذكر أو للذكريات كما تسمى الآن.

فلم تُعْبَد في أول الأمر، وإنما جُعِلت للتذكر؛ لأنهم كان ما زال فيهم علماء ينكرون الشرك وينكرون الغلو، فلم يتمكن الشيطان من الخطوة الثانية، ولكنه بذر البذرة وخطا الخطوة الأولى التي ظاهرها الإصلاح والخير، فلم تُعْبَد في أول الأمر.


الشرح

([1])أخرجه: البزار رقم (4815)، والحاكم رقم (3654).