ثم لما طال الزمان، ومات بقية العلماء من قوم
نوح عليه السلام، ولم يَبْقَ عالم؛ جاءهم الشيطان ووجد جيلاً جاهلاً، فبدأ بالخطوة
التالية الخبيثة، وهي الغاية له، وهي التي يريدها، فقال لهذا الجيل الجاهل: إن
آباءكم كانوا يعبدون هذه الصور، ويُعَظِّمون أصحابها، ويُسْقَون بها المطر!! فوقع
ذلك في نفوسهم لجهلهم، فصَدَّقوه وعبدوها من دون الله عز وجل !!
فوقع
الشرك من ذاك الوقت، وذلك بسبب الشيطان ومكره ببني آدم، واستغلاله تعظيم الصالحين
واستغلاله الصور.
حينئذٍ
بَعَث الله سبحانه وتعالى نبيه نوحًا عليه السلام يدعوهم إلى الله عز وجل، وينكر
عليهم الشرك، فحصل ما حصل من مراوغاتهم ومكابرتهم.
واستمر
نوح عليه السلام في دعوتهم، وطال الزمان فعاش فيهم ألف سنة إلاَّ خمسين عامًا،
يدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى، لم يفتر في دعوته عليه السلام، يدعوهم لعلهم
يرجعون.
فلما
أخبره الله سبحانه وتعالى أنه لن يؤمن من قومه إلاَّ مَن قد آمن، وكان الذين آمنوا
معه نفرًا قليلاً، عند ذلك دعا عليهم، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ
دَيَّارًا ٢٦ إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓاْ إِلَّا
فَاجِرٗا كَفَّارٗا﴾ [نوح: 26-
27].
فاستجاب
الله سبحانه وتعالى دعوته عليه السلام، وأغرقهم عن آخرهم، ولم يَنْجُ إلاَّ نوح
عليه السلام ومَن آمن معه.
والشاهد من ذلك: هو خطر الغلو في الصالحين والعناية بآثار الصالحين وبيوتهم وصور الصالحين، وأن هذا يؤدي إلى الشرك بالله عز وجل؛ كما حصل لقوم نوح عليه السلام؛ ولهذا كان علماء الأمة يُحَذِّرون