من الغلو في الصالحين، من الغلو في أشخاصهم
والغلو في قبورهم، والتبرك بآثارهم... وما أشبه ذلك من وسائل الشرك، فلا يُتساهل
بهذه الأمور.
قال
سبحانه وتعالى على لسان نوح عليه السلام: ﴿قَالَ نُوحٞ رَّبِّ إِنَّهُمۡ عَصَوۡنِي وَٱتَّبَعُواْ مَن لَّمۡ
يَزِدۡهُ مَالُهُۥ وَوَلَدُهُۥٓ إِلَّا خَسَارٗا ٢١ وَمَكَرُواْ
مَكۡرٗا كُبَّارٗا ٢٢ وَقَالُواْ
لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ
وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا﴾ [نوح: 21- 23]، هذه أسماء الصالحين الذين
صَوَّروا صورهم، عبدوها من دون الله سبحانه وتعالى. وهذا كما حصل من قريش والعرب
لما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التوحيد، وقال لهم صلى الله عليه وسلم:
«قُولُوا: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، تُفْلِحُوا» ([1])،
قالوا: ﴿أَجَعَلَ
ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ ٥ وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ
ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ﴾
[ص: 5- 6]: مثل ما قال قوم نوح عليه السلام، ﴿وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ﴾
[نوح: 23] وهي: الأصنام، والأشجار والأحجار، وسائر المعبودات من دون الله سبحانه
وتعالى.
هذه
مقالة الكفار والمشركين، سيرتهم واحدة من الأولين والآخرين، فهموا من «لا إله إلاَّ
الله» أنها تنفي الشرك وتُبْطِل عبادة ما سوى الله سبحانه وتعالى، فهموا هذا منها
لأنهم عرب يَعرفون معناها في اللغة، وأن معنى «لا إله إلاَّ الله» أنهم يتركون
عبادة آلهتهم. وهم لا يريدون هذا.
واليوم عُبَّاد القبور يقولون: «لا إله إلاَّ الله» آلاف المرات، ومع هذا يشركون بالله سبحانه وتعالى، ولا يفهمون أن «لا إله إلاَّ الله» تُبْطِل ما هم عليه! فهم يقولونها بألسنتهم ويخالفونها بأفعالهم، فصار كفار قريش
([1])أخرجه: أحمد رقم (16023)، وابن خزيمة رقم (159)، والدارقطني رقم (2976)، والحاكم رقم (39).